أخيتي الحائض ، لا يخفى عليكِ فضل قراءة القرءان !
رسولنا الكريم عليه صلوات ربّي وتسليمه قال :
عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" مَن قرأ حرفاً مِن كتاب الله فله به حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ،
لا أقول { الم } حرف ، ولكن ألِف حرف ، ولامٌ حرف ، وميمٌ حرف "
فما بالكِ بقراءة القراءن في رمضان ! حينما تكون الأجور مضاعفة ..
يقول ابن باز رحمه الله :" فإذا كان الشهر فاضلا والمكان فاضلا ضوعفت فيه الحسنات وعظم فيه إثم السيئات ،
فسيئة في رمضان أعظم إثما من سيئة في غيره ، كما أن طاعة في رمضان أكثر ثوابا عند الله من طاعة في غيره "
من مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (15/446)
لذلك يا أخيتي حينما يأتيكِ الحيض في رمضان لا تتوقفي عن وِردكِ اليومي من القراءة ،
بل واظبي عليه وكثّفيه وتوجّهي لفهم معاني الآيات وأحكامها حتّى تعم الفائدة
وبالتالي تحصدي الأجور النافعة بإذنه سبحانه وتعالى ..
والشرع لم يحرّم قراءة الحائض للقرءان في أصحّ قوليّ العلماء ولكن دون مس للمصحف ،
وقد سقنا في هذا الموضوع فتاوي عديدة لأهل العلم تنصّ على القول ،
منها قول شيخنا ابن باز رحمه الله وجزاه عن الأمّة الإسلاميّة خير الجزاء وأعظمه :
" لا حرج على الحائض والنفساء في قراءة كتب التفاسير ولا في قراءة القرآن
من دون مس المصحف في أصح قولي العلماء ،" فتاوى إسلامية 1/239
والدورة الشهرية تدوم عند أكثر النساء ما بين خمسة إلى سبعة أيام ،
تستطيعين خلال هذه المدّة أن تنجزي ختمة كاملة للقرءان ..
وحينئذ تكونين قد طردتِ وساوس إبليس وتلبيساته عليكِ ،
بأن الدورة حائل بينكِ و بين الرقي في عبادة الله سبحانه وتعالى ..
فهلمّي يا أخيّة إلى هذا الفضل العظيم وسارعي لاغتنام وقتكِ بفعلٍ كريم ،
فالله منّ عليكِ ببلوغ شهر رمضان هذه السنة اللتي ربمّا يحول الموت بين بلوغكِ إيّاه السنة القادمة ..
ونسأله سبحانه وتعالى أن يبلّغنا رمضان ويبارك لنا فيه ويوفقنا لاغتنامه على الوجه الذي يحبّه ويرضاه .
يُتبع بإذن الله هل يمكن للمرأة أن تقرأ القرآن أثناء فترة الحيض أو الدورة الشهرية ؟
هذه المسألة مما اختلف فيه أهل العلم رحمهم الله :
فجمهور الفقهاء على حرمة قراءة الحائض للقرآن حال الحيض حتى تطهر ،
ولا يستثنى من ذلك إلا ما كان على سبيل الذّكر والدّعاء ولم يقصد به التلاوة كقول
: بسم الله الرحمن الرحيم ، إنا لله وإنا إليه راجعون ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة … الخ مما ورد في القرآن وهو من عموم الذكر .
واستدلوا على المنع بأمور منها :
1- أنها في حكم الجنب بجامع أن كلاً منها عليه الغسل ، وقد ثبت من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم القرآن وكان لا يحجزه عن القرآن إلا الجنابة "
رواه أبو داود (1/281) والترمذي (146) والنسائي (1/144) وابن ماجه (1/207) وأحمد (1/84)
ابن خزيمة (1/104) قال الترمذي : حديث حسن صحيح ، وقال الحافظ ابن حجر : والحق أنه من قبيل الحسن يصلح للحجة .
2- ما روي من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن " رواه الترمذي (131) وابن ماجه (595) والدارقطني (1/117)
والبيهقي (1/89) وهو حديث ضعيف لأنه من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين وروايته عنهم ضعيفة ،
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (21/460) : وهو حديث ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث أ.هـ .
وينظر : نصب الراية 1/195 والتلخيص الحبير 1/183 .
وذهب بعض أهل العلم إلى جواز قراءة الحائض للقرآن وهو مذهب مالك ،
ورواية عن أحمد اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية ورجحه الشوكاني واستدلوا على ذلك بأمور منها :
1- أن الأصل الجواز والحل حتى يقوم دليل على المنع وليس هناك دليل يمنع من قراءة الحائض للقرآن ،
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ليس في منع الحائض من القراءة نصوص صريحة صحيحة ،
وقال : ومعلوم أن النساء كن يحضن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
ولم يكن ينههن عن قراءة القرآن ، كما لم يكن ينههن عن الذكر والدعاء .
2- أن الله تعالى أمر بتلاوة القرآن ، وأثنى على تاليه ووعده بجزيل الثواب وعظيم الجزاء فلا يمنع من ذلك
إلا من ثبت في حقه الدليل وليس هناك ما يمنع الحائض من القراءة كما تقدم .
3- أن قياس الحائض على الجنب في المنع من قراءة القرآن قياس مع الفارق لأن الجنب باختياره أن يزيل
هذا المانع بالغسل بخلاف الحائض ، وكذلك فإن الحيض قد تطول مدته غالباً ، بخلاف الجنب فإنه مأمور
بالإغتسال عند حضور وقت الصلاة .
4- أن في منع الحائض من القراءة تفويتاً للأجر عليها وربما تعرضت لنسيان شيء من القرآن أو احتاجت
إلى القراءة حال التعليم أو التعلم .
فتبين مما سبق قوة أدلة قول من ذهب إلى جواز قراءة الحائض للقرآن ، وإن احتاطت المرأة واقتصرت
على القراءة عند خوف نسيانه فقد أخذت بالأحوط .
ومما يجدر التنبيه عليه أن ما تقدم في هذه المسألة يختص بقراءة الحائض للقرآن عن ظهر قلب ،
أما القراءة من المصحف فلها حكم آخر حيث أن الراجح من قولي أهل العلم تحريم مس المصحف
للمُحدث لعموم قوله تعالى : ( لا يمسه إلا المطهرون ) ولما جاء في كتاب عمرو بن حزم الذي كتبه
النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن وفيه : " ألا يمس القرآن إلا طاهر " رواه مالك 1/199
والنسائي 8/57 وابن حبان 793 والبيهقي 1/87 قال الحافظ ابن حجر : وقد صحح الحديث جماعة
من الأئمة من حيث الشهرة ، وقال الشافعي : ثبت عندهم أنه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وقال ابن عبدالبر : هذا كتاب مشهور عند أهل السير معروف عند أهل العلم معرفة يستغني بشهرتها
عن الإسناد لأنه أشبه المتواتر لتلقي الناس له بالقبول والمعرفة .أ.هـ وقال الشيخ الألباني عنه : صحيح .
التلخيص الحبير 4/17 وانظر : نصب الراية 1/196 إرواء الغليل 1/158 .
حاشية ابن عابدين 1/159 المجموع 1/356 كشاف القناع 1/147 المغني 3/461 نيل الأوطار 1/226
مجموع الفتاوى 21/460 الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين 1/291 .
ولذلك فإذا أرادت الحائض أن تقرأ في المصحف فإنها تمسكه بشيء منفصل عنه كخرقة
طاهرة أو تلبس قفازا ، أو تقلب أوراق المصحف بعود أو قلم ونحو ذلك ، وجلدة المصحف المخيطة أو
الملتصقة به لها حكم المصحف في المسّ ، والله تعالى أعلم .
س : إنني أقوم بقراءة بعض تفاسير القرآن ولست على طهارة .. كالدورة الشهرية مثلاً فهل في ذلك حرج علي ،
جـ : لا حرج على الحائض والنفساء في قراءة كتب التفاسير ولا في قراءة القرآن
من دون مس المصحف في أصح قولي العلماء ،
أما الجنب فليس له قراءة القرآن مطلقا حتى يغتسل ، وله أن يقرأ في كتب التفسير والحديث وغيرهما
من دون أن يقرأ ما في ضمنها من الآيات ،
لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يحجزه شيء عن قراءة القرآن إلا الجنابة ،
وفي لفظ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في ضمن حديث
رواه الإمام أحمد بإسناد جيد : ( أما الجنب فلا ولا آية ) الشيخ ابن باز ،
والله اعلى واعلم